الاثنين، 29 نوفمبر 2010

ماهو الفرق بين الدين والفلسفه؟




يجب أن أعترف لكم بأنني مازلت اشاهد أفلام الكارتون. والليله وانا أقلب القنوات شاهدت أن قناة ديزني كانت تعرض فيلم پيتر پان وكان الفيلم الكارتوني القديم في أخره، حيث تدور الاحداث في سفينة القرصان كابتن هوك الذي قبض على الولد پيتر پان بعد أن خسر قدرته على الطيران فصاح بالفتاة ويندي بانها خائنه وانها السبب بكل ذلك.. لإنها لم تؤمن بالقصص الخرافيه- فيري تيلز- ثم تذهب ويندي وتبكي وتأخذ موضع الصلاة – المسيحيه- على السرير نادمة فتشفي تينكر بيل و تزودها بالغبار السحري لتتمكن من الطيران وتعود فتنقذ پيتر پان.


هنا تساءلت إن كان هناك اشرار متأمرون يهيئون البشر منذ الطفوله للإعتقاد والتصديق بالخرافات والأديان، كما يبدو لي من هذا الكارتون. وهذا قادني الى الخلط في الأمور في هذه الحياة بين الواقع والحقيقه، أهناك حكمة او فلسفة يريد مؤلف هذه القصه أن يقولها لنا؟







ثم تساءلت بيني وبين نفسي إن كانت الفلسفه اصلاً لها علاقة بالدين او هل الدين هو نوع من الفلسفه؟ نستطيع أن نطلق عليها فلسفة دينية؟ كثير من الأحيان نسمع عن الفلسفه الإسلاميه أو الفلسفه المسيحيه أو الفلسفه البوذيه؟

هل هناك أوجه شبه بين الفلسفه والدين؟ أهما وجهين لنفس العمله؟

نجد في الديانه الكونفيوشيه البوذيه أو التاويه في اليابان والشرقيه عموماً هذا الخلط والتداخل بين الدين والفلسفه. ربما حدث هذا لأن الفلاسفه الشرقيين كانوا يحاولون تقريب المفاهيم الى عامة الناس . لهذا غرقت فلسفة الشرق بما فيها الفلسفه الإسلاميه في الغوامض والصوفيات ولم تستطع أن تنتج فلسفة عقلانية مماثلة للفلسفه الإغريقيه رغم أنها تأثرت بها.

صحيح أنه يبدو أن هناك بعض الخلط أحيانا بين الدين والفسلفه و قد توجد بعض الصعوبة في التفريق بينهما – و لكن هذا خلط غير مبرر رغم وجود بعض أوجه الشبه بين الأثنين.

المسائل التي تتناولها كل من الفلسفة والدين تميل إلى أن تكون متشابهه. فكل من الدين والفلسفة يتعامل مع تساؤلات مثل : ما هو الخير أو ماهي الفضيله؟ ما معنى أن يعيش الأنسان حياة فاضله ؟ ما هي طبيعة الواقع؟ لماذا نحن هنا؟ وما الذي ينبغي علينا أن نفعل؟ كيف يجب أن نعامل بعضنا البعض؟ وما هو الشيء الأكثر أهمية في الحياة؟







من الواضح ، إذن ، أن هناك ما يكفي من أوجه الشبه التي يمكن أن تجعل الأديان فلسفية أو تجعل الفلسفه دينيه . هل يعني هذا ببساطة إننا أمام كلمتين مختلفين ولكن لهما نفس المعني والمفهوم ؟ لا ، هذا غير صحيح فهناك اختلافات جوهريه بين الدين والفلسفة رغم تداخلهما مع بعضهما في القضايا والإهتمامات. وبادئ ذي بدء ، فمن الاثنين الدين وحده يهتم بالطقوسيات. ففي الأديان ، هناك مراسم الأحداث الهامة في الحياة ( العيد و الميلاد والوفاة (النبي والقديسيين) والزواج ، وما إلى ذلك) ، وهناك أوقات من السنة مهمه بالنسبه للدين (في ذكرى ايام الربيع نيزوز وعيد الاضحى وليلة القدر والكريسماس ، والحصاد ، وغير ذلك). أتباع الفلسفه وطلابها لايتبعون أية إجراءات طقوسيه فطلبة الفلسفه في الكليه مثلا لايقوموا بغسل أيديهم قبل أن يدرسوا افلاطون و هيغل على عكس طلبة كلية الشريعه الذين يفعلون ذلك قبل درس القرءان.



وثمة فرق آخر هنا ايضا ألا وهو أن الفلسفة تميل إلى التأكيد على استخدام العقل والتفكير النقدي فقط ، بينما الأديان تستفيد فقط من العقلانيه أحياناً عند الحاجه..ولكنها في الغالب تدعو للإعتماد على الإيمان الأعمي الخالص وإستبعاد المنطق والعقل والحجه.

هناك ايضا عدد من الفلاسفة الذين زعموا أنه بالعقل وحده لا يمكن للإنسان اكتشاف الحقيقة و حاولوا وصف محدودية عقل الأنسان -- ولكن هذا لايعني أن الفلسفه والدين سيصبحان نفس الشيء تماما لماذا؟..تابعوني.







لايمكن أن تجدوا فيلسوفاً حقيقياً مثل هيغل ، كانط ، أو راسل يقول أن فلسفته هي وحي من رب الرمال أو غيره من الأرباب والالهه. الفلاسفه ليسوا كرجال الدين فهم لا يقولون بأن إدعاءهم يجب ان يؤخذ بطريقة إيمانيه بدون نقاش او جدال -- تلك الحجج والإدعاءات التي لاتجدي نفعاً والغير صحيحه هي من سمات الدين الذي يرجع كل شيء الى الإيمان بالله ، وبآلهة ،أو بالمبادئ الدينية التي جاءت من وحي تنزل من فوق أو من عند اشباح السماء. إعتبار اشياء مقدسه وغيرها مدنسه هو ميزة تختص بها الأديان لانجدها في الفلسفه وهي خاصية مقصورة على الدين فقط. الدين يدرّس أتباعه تقديس النصوص التي ترد في ما يعتبرونه كتب مقدسة ، بينما الفلسفه لا تعلم طلابها تبجيل كتب سقراط أو إبن رشد أو فؤاد زكريا ولاتطلب منهم الوضوء قبل قراءة كتب جيمس هيوم. وأخيرا ، فإن معظم الديانات تشمل نوعا من الإيمان بالمعجزات السحريه الخارقه للعاده – وهي أحداث تتحدى أي تفسير علمي أو مجريات الطبيعة من حيث المبدأ ، إنها خوارق خارج حدود ما ينبغي أن يحدث في قوانين الكون.

المعجزات تلعب دورا كبيرا جدا في كل دين ، وهي سمة مشتركة بين الأديان لا تجدها في الفلسفة. نيتشه مثلاً لم يولد من عذراء ، ولا يبدو أن الملائكة شقت صدر سارتر وغسلته ، و لم يستطع هيوم ان يحول الماء الى نبيذ، ولم يضرب الفيلسوف سبنسر البحر بعصاه ..ولايستطيع إسبينوزا ان يتكلم مع نمله مثل سليمان الحكيم.وهكذا حتى لو تشابه الدين في بعض القضايا المشتركه مع الفلسفه فهذا لايعني أنهما متماثلان، بالعكس فهما وإن إشتركا في القضايا فهما يعالجانها بصورة مستقلة و مختلفة تماماً.






أنه من المهم يا اصدقائي أن نفهم الفرق بين الفلسفه والدين بوضوح حتى لا نصبح ضحايا للدين.. حين يتظاهر بأنه فلسفة لهذه الحياة.

بن كريشان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق